سؤالي متعلق بالسجود في الصلاة و هو مقسوم إلى قسمين: القسم الأول من السؤال: سجود القلب (بمعنى آخر ماذا أستشعر منذ بداية السجود عندما أضع جبهتي على الأرض) لقد قرأت و علمت أن الصلاة هي ركوع و سجود، و يجب على الإنسان أن يستشعر هذين الركنين في الصلاة. استشعار الركوع سهل و لكن استشعار السجود هو المشكلة عندي . لقد بحثت كثيرا في الإنترنت عن سجود القلب و كيف يكون تطبيقيا (لكي أطبقه في صلاتي على أكمل وجه و أكون من الخاشعين في السجود الذي هو أعظم و أهم ركن في الصلاة على الوجه الذي يريده الله مني) و لكني لم أوفق لإجابة . استنادا على ما ذكرته ، سؤالي هو : ما معنى سبحان ربي الأعلى (التي أذكرها ثلاث مرات في كل سجدة) ، و هل علي أن أستشعر معناها في سجودي؟ و كيف يكون سجود القلب تطبيقيا بالتفصيل (أي على الوجه الذي كان يسجد الرسول عليه أفضل الصلاة و السلام و الذي يريده الله مني ؟ بمعنى آخرماذا أستشعر منذ أضع جبهتي عى الأرض إلى أن أنتهي من سبحان ربي الأعلى الأخيرة؟ القسم الثاني من السؤال : و هو كيفية الدعاء في السجود في السجود و أنا أدعو، كيف يجب أن أدعو ، أي ماذا يجب علي أن أستشعر لكي يكون دعائي بالصورة المطلوبة التي يريدها الله مني ؟ هل يجب أن أدعو بقلب حاضر (و أنا مركزة في الكلام الذي أدعو به) و موقنة بالإجابة بنفس الوقت أم يجب علي أن أدعو فقط و أنا حاضرة القلب؟ و في حال كان الجواب أنه علي أن أجمع بين حضور القلب و اليقين بالإجابة في السجود، فهل من الممكن أن يوفق إنسان أن يجمع بين هذين العملين القلبيين في السجود ؟ فمن الصعب الدمج بينهما في الدعاء المبسوطة الأيدي فيه إلى السماء ، فكيف إذا كانت جبهة الإنسان على الأرض ، و كيف إن كان في السجدة الواحدة أدعية كثيرة جدا ؟ (لقد بذلت جهدي و حاولت و اجتهدت أن أوفق بين حضور القلب و اليقين بالإجابة في أدعية السجود و لكن الذي حصل أنه عندما أجتهد في حضور القلب في كل دعاء من أدعيتي يصعب علي أن أضيف عبادة اليقين بالإجابة (وإلا سأخسر جزء من حضور القلب) ، و كذلك العكس ، إن ركزت على اليقين بالإجابة لأدعية السجود (و هذا أيضا أمر ليس بالسهل أبدا) أفقد و ربما كليا حضور القلب . أفيدوني كيف أدعو الله في سجودي على الوجه الذي يريده الله مني، أفيدوني لأن هذا الموضوع أتعبني و أقلقني كثيرا ، فأنا لا أعلم إن كنت أدعوه في سجودي بالطريقة الصحيحة المثمرة أم لا و إن كنت أحمل نفسي ما لا طاقة لها به و إن كنت أعذبها بما ليس مطلوبا منها (عندما أجتهد في الجمع بين حضور القلب و اليقين بالإجابة).. و جزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالمقصود بسجود القلب هو انكساره وخضوعه لله تعالى كما بيناه في الفتوى رقم : 20709 . وهذا يكون في الصلاة وغيرها، فما دام القلب خاضعا لله مخبتا إليه فهو في سجود , وسجود القلب في الصلاة بخشوعه وتدبره لما يردده المصلي من ذكر فمن كان حاله كذلك كان ساجد القلب والبدن, ومن كان قلبه هائما في أودية الدنيا فهو ساجد البدن لا القلب, فاستشعري أختي السائلة في سجودك أن قلبك ساجد بين يدي ربه وتدبري ما تقولينه من ذكر ودعاء, ومعنى قول المصلي " سبحان ربي الأعلى " أي أنزه ربي الأعلى الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه، علو الذات، وعلو القدر والصفات، وعلو القهر , أنزهه عن كل نقص وعيب , والتسبيح في اللغة التنزيه , فإذا قال القائل سبحان معناه أنزه , فتدبري هذا المعنى واستشعري ما مر ذكره تكوني قد اقتديت بالنبي صلى الله عليه وسلم في سجوده.
وأما السؤال عما ذا يجب عليك أن تستشعريه لكي يكون دعاؤك بالصورة المطلوبة فجوابه أن تجتهدي أولا في الدعاء بالأدعية الواردة في الكتاب والسنة فهي أفضل من الأدعية التي أحدثها الناس , ثم استشعري أنك تدعين مالك الملك الغني الذي يقول للشيء كن فيكون والذي لا تفنى خزائنه ولا تغيض النفقة ما في يمينه، والجمع بين هذا وبين اليقين بحصول الإجابة أمر ميسور لمن يسره الله عليه وليس أمرا شاقا فاجتهدي في تحصيل ذلك ولا تفتحي على نفسك باب الوسوسة المفرطة والشك فتضيعي على نفسك خيرا كثيرا فالأمر يسير، وانظري الفتوى رقم : 119608 ، عن جملة من آداب الدعاء , والفتوى رقم : 111725 ، عن حكم ترك الخشوع في الصلاة .
والله أعلم.