| تاريخ المساهمة السبت أكتوبر 27, 2012 8:55 pm | |
تمهيد: كانت أولى وظائف الملابس للأنسا منذ بدء الخليقة أن تحافظ على جسمه ضد العوامل الجوية، وأن تستره، فماذا بعد ذلك؟ عندما خلق الله آدم وحواء وعاشا في الجنة خدعهما الشيطان، وشجعهما على عصيان ربهما، والأكل من شجرة المعرفة، وهنا فقط أدرك آدم وحواء أنهما عاريان، وكانت أوراق الشجر هي أول شيء يستر به الإنسان عورته، بعدها طردهما الله تعالى من الجنة إلى الأرض حيث قاما بستر أجسادهما مما وجداه على الأرض. ومن هنا ظهرت وظيفتان أساسيتان للملابس:أوى هي ستر العورة وخاصة بعد إدراكها، والثانية هي حماية جسم الإنسان عن طريق جلود الحيوانات، وأصبح هذا المفهوم ساريا بالنسبة لجميع البشر مهما اختلف الزمان أو المكان أو الثقافة، فالإنسان العصري لايمكن أبدا أن يكون عاريا، فلابد أن يكون مرتديا لزي ما أو لشيء ما، وفي بعض المجتمعات القديمة كان العرى رمزا للرجوع إلى الطبيعة البحتة أو النقاء. مفاهيم مختلفة: وتطور الزمن وتطورت معه أشكال الملابس وأنواعها، فأصبحت هناك ملابس خاصة للحروب أو للعمل أو للصيد أو للرياضة. وظل الإنسان يطور ويبتكر ويكتشف أنواع الأقمشة، ويستخرج خامات ملابسه من الجلود أو المواد الزراعية أو المعدن ..الخ. كما استخدمت الملابس أيضا للوقاية من الأمراض، في القرن السابع عشر، دمج الأطباء بعض الملابس وخاصة الواقية للصدر بعض الأعشاب العطرية وذلك للتخفي من حدة المرض، وكانت هذه الطريقة فعالة للغاية في وقتها، كما كانت بعض الملابس تستخدم للوقاية من "الأرواح الشريرة" لاعتقاد الإنسان القديم بأن المناطق المكشوفة من الجسم كالوجه واليدين والأرجل تكون كالإسفنج الذي يمتص الشرور وتؤثر فيه، لذا استخدم الإنسان أشكالا عديدة من الأقمشة الفاخرة المطرزة بالأحجار الكريمة كالدانتيل المطرز وغيره، لعمل حليات فخمة حول الرقبة أو أساور الأكمام، أو كأطر للجونلات وذلك لوقاية جسم الإنسان من الأرواح والقوى الشريرة. واستخدم الإنسان أيضا الملابس والحليات كنوع من الوقاية الطبيعية للجسم، فعلى سبيل المثال، فراء الحيوانات لم يستخدم للزينة فقط، ولكن لإضفاء قوة الحيوان ودفئه على صاحب الفراء. وفي بلاد الشرق، كانوا قديما يلفون الطفل الحديث الولادة في قميص والده وذلك لمنحه القوة والبأس، أما في الصين، فالأطفال كانوا يرتدون أحيانا أشكالا لرءوس النمور والأرانب ذات العيون التي تكون على شكل أحجار ملونة وذلك لوقاية الطفل بصفة عامة. كما أن هنود أمريكا الجنوبية كانوا يرتدون أقنعة مرسومة وذلك لإخافة أعدائهم، ولحماية أنفسهم من الأرواح الشريرة. ومنذ القدم وحتى الآن، اختلفت مقايس الجمال وتغيرت تغيرا جذريا، فما كان مستحبا في الماضي ربما أصبح اليوم غير ذلك والعكس صحيح. فلكل فترة زمنية مقايس خاصة للجمال، وبالطبع انعكس ذلك على الأزياء والملابس وطريقة ارتدائها. فعلى سبيل المثال، في العصر الروماني، كانت السيدات يضغطن صدورهن بقطعة كبيرة من القماش وذلك لأن الصدور الممتلئة لم تكن من مقايس الجمال حينئذ، أما في العصور الوسطى، فظهر "الكورسيه" وهو عبارة عن قطعة ملابس تشد الجسم وتضغطه وترفع الصدور وتعطي الجسد مظهرا متماسكا ومستديرا، وتطورت قطع الملابس التي تشكل الجسم حسب متطلبات العصر. وفي إنجلترا، في بدايات القرن الثامن عشر انتشر زي ال Riding Coat "رايدنج كوت" أو ملابس ركوب الخيل، وانتشر ارتداؤها على أيدي بعض الشباب في ذلك الوقت حتى أصبحت من سمات ذلك العصر، وتطور اسمها حتى أصبح "الريدنجوت" وبعد فترة، أصبح هذا الزي من الأزياء الرسمية، وذلك في بداية القرن العشرين حتى اختفى تماما، وأصبح اليوم زيا من الأزياء المتحفية. أما ال "تي شيرت" الزي القطني الحديث فله أيضا قصة تبدأ من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان شكل ال "تي شيرت" يختلف عن ال "تي شيرت" الحالي القطني الملمس، واستخدمه الأمريكيون العاملون في البحرية الأمريكية، ثم انتقل استخدامه إلى طلاب الجامعات وخاصة جامعتي كاليفورنيا ولوس أنجلوس، وكان ذلك في العشرينيات ثم أصبح ال "تي شيرت" في الثلاثينيات يلعب دورا إعلانيا حيث يطبع عليه إعلان فيلم سينمائي أو اسم معسكر ما.. إلخ، وقد ساهمت الحرب العالمية الثانية في انتشار ال "تي شيرت" الذي كان يرتديه أفراد الجيش الأمريكي، فأنتج بغزارة، وشاع استخدامه في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وبفضل أفلام ال"روك أند رول" التي انتشرت في تلك الفترة أيضا أصبح ال "تي شيرت" رمزا للشبا. فنون وجنون: نما الإحساس بالموضة عبر العصور المختلفة، فتطور استخدام كلمة "موضة" ابتداء من أواخر العصور الوسطى، فالكلمة اللاتيتية Modus كانت تعني "الطريقة" وفي سنة 1393 كانت كلمة "الموضة" تعني بالفرنسية Facon أو الطريقة أيضا وهذه هي الكلمة التي تطورت إلى Fashion بالإنجليزية، وفي نفس السنة، ظهرت الكلمة لتعني "الطريقة ال.ية للاهتمام بالملبس"، وفي سنة 1549 صارت موضة تعني أن تصبح على الموضة أي متطورا في ملبسك، وابتداء من سنة 1340 وحتى سنة 1350، انقسم شكل الملابس إلى قسمين، ملابس عليا وملابس سفلى، فالرجل في تلك الفترة كان يرتدي قطعتين، قطعة من التيل تصل إلى أعلى الفخذين وسترة قصيرة مبطنة وذلك لحماية جسمه، أما السيدات فكن يرتدين قطعتين، جونلة طويلة "وكورساج" أي جزء علوي يعلو الجونلة، وسواء بالنسبة للرجال أو السيدات، فقد كانوا جميعا يرتدون قميصا داخليا يحجب الملابس عن الجسم. وفي نهاية القرن السادس عشر أيام الملك لويس الرابع عشر احتلت الملابس في فرنسا مكانة مهمة، وأصبح للزي الفرنسي أهمية خاصة وشكل مميز، وذلك في الفترة التي سبقت الثورة الفرنسية حيث كانت السيدات يرتدين الجونلة الواسعة المنفوشة الضاغطة على الخصر، أما الكورساج أو الجزء العلوي فكان يضغط على الصدر ويبين ملامحه، أما الرجال فكانوا يرتدون سترات قصيرة فخمة تشبه "الجيليه" الحالي وبنطلونا قصيرا ملتصقا بالجسم وأسفله شراب طويل. وفي نهاية القرن الثامن عشر أصبحت "الموضة" صناعة وخاصة بعد قيام الثورة الصناعية وتأثيرها الطاغي على مناحي الحياة في أوربا، فانتشرت صناعة الأقمشة والأقطان خاصة في منطقة شمال أوربا وفي سويسرا وإنجلترا، بعد أن كانت الملابس تصنع في البيوت وبالطلب في نطاق ضيق للغاية، وبعد انتشار الغزل والنسيج تبدلت الصورة تماما، فأصبحت الموضة "صناعة" و"تجارة" أيضا ونتج عن ذلك ظهور مهن جديدة كمهنة الترزي والكواء ومصمم الموضة وبائعها. ومع بداية سنة 1780، انتشرت محلات بيع الملابس وزاد انتشارها خلال القرن التاسع عشر، وبالتالي ازدهرت صحافة الموضة التي تقوم على الترويج لها.ومع كل التطورات ظل الفستان هو ملك الموضة والأناقة لأي سيدة أما بالنسبة للرجال فقد تطور الزي الرجالي من البنطلون القصير المضغوط على الجسم إلى البنطلون العادي العصري، حتى ظهرت البدلة الكاملة للرجال ابتداء من سنة 1860 المصنوعة من قماش واحد وغالبا المكونة من ثلاث قطع، السترة، والبنطلون، والصديري أو "الجيليه" واحتفظ الزي الرجالي بشكله حتى الآن. أما بيوت الأزياء الراقية التي ظهرت في أوربا فقد كان مؤسسها هو "شارل فريديريك دورث" وقد كان المصمم الخاص لأزياء الملكة "أوجيني" وكان يصنع بنفسه القماش ويفصله، حتى اكتسب شهرة عالمية في عالم الأزياء والموضة، وكان ذلك في أوائل هذا القرن. وحذا حذوه كبار مصممي الأزياء في العالم مثل "ديور" و"بالمان" وغيرهما، بعدها انتشرت صناعة الملابس الجاهزة، وأصبح المصممون العالميون يبتكرون أزياءهم الخاصة في هذا المجال وانتعشت بالتالي الصحافة التي تروج للموضة والأزياء وظهرت مجلات مهمة مثل "فوج" و"ال" و"ماري كلير" وغيرها. وتطور نظام بيوت الأزياء العالمية، ولم يعد يقتصر فقط على تصميم وبيع الملابس، بل امتد إلى تصميم وابتكار الأكسسوارات، ومكملات الزينة و"الإيشاربات" و"الشرابات" والأحذية، وآلاف المنتجات الأخرى، حتى أصبحت تلك البيوت إمبراطورايات تجارية مستقلة بذاتها. لغة ورموز: قل لي ماذا تلبس أقل لك من أنت! هذه المقولة الشهيرة يمكنها أن تضيف إليها أننا من الممكن أن نعرف أيضا هوية صاحب الزي ومكانته الاجتماعية وسنه وثقافته أيضا، فلكل بلد زي مختلف يعبر عن ثقافته وتاريخه ولكن الآن لم يعد لكل بلد زيه المتعارف عليه بنفس الصورة التي كانت في الماضي فالعالم اليوم أصبح متواصلاً، فعلى سبيل المثال استبدل اليابانيون الكيمونو بالجينز أحيانا وخلعت السيدة الهندية ساريها الهندي المطرز واكتفت بارتدائه في المناسبات. وقديما كان لكل سن زيه المختلف المميز أما الآن فإن الأطفال أو الشباب صارت أزياؤهم تختلف كثيراً عن أزياء الكبار، وأصبح الكل يرتدي "الكاجوال وير" أو الملابس الصباحية البسيطة وفي بعض البلاد يرتدي النساء والرجال زياً موحداً ولكن ذلك مرفوض في الشرق حيث إن لكل . زيه الخاص لاختلاف دور الرجل عن المرأة. إن الأزياء والملابس تعتبر كاللغة المليئة بالرموز، فهي تحكي تاريخ البشر من البداية وحتى الآن. فبالإضافة إلى أن الزي يميز المكانة الاجتماعية لصاحبه فإنه أيضا يوضح وظيفته. في زمن مضى كانت السيدات الساقطات يرتدين ملابس معينة تميزهن، كما كان للملوك أيضا أزياؤهم المميزة. فالزي الملكي هو دليل على القوة والسيطرة. وكانت الأقمشة التي يفضلها ملوك فرنسا على سبيل المثال هي الحرير والبروكار المطرز برسوم الزهور أو بعض العلامات السماوية كالكرة الأرضية. أما أباطرة الصين، فكانوا يفضلون اللونين الأصفر والأبيض. ولم يعد لزي الحاكم اليوم نفس الأهمية التي كانت في الأزمان الغابرة، فالحاكم مثله مثل من يحكمهم، كما صممت أيضا الأزياء الموحدة أو الUniform وهو الزي الموحد الخاص بأداء واجب ما كأزياء الجنود أو المضيفات أو رجال المرور.. الخ. حداثة وتمرد: أما عن الزي الأشهر في عالمنا أي الجينز فله قصة طريفة، فقد تم ابتكاره في القرن التاسع عشر على يد الأمريكي ليفي شتراوس وقد أنتج هذا النوع من البنطلونات خصيصا لتحمل ظروف العمل الشاقة للباحثين عن الذهب ولرعاة البقر! Cowboys وقد تطور الجينز ليصبح زيا عمليا للشبا. وانتشر في جميع أنحاء العالم بين سنتي 1950 و1960. ومع انتشار صيغة العمل والعمال بعد قيام الثورة الصناعية انتشرت أنواع معينة من الأزياء المتماشية مع حركة العمل "كالعفريتة" الزرقاء. وفي الصين أدت الثورة التي قادها "ماوتسي تونج" إلى توحيد زي الصينين جميعا وأصبح يتكون من سترة وبنطلون لونهما أزرق وارتدى هذا الزي جميع الصينين رجالا ونساء، شيوخا وأطفالا، لكن ذلك بدأ يتلاشى منذ بدأت الصين سياسة الانفتاح على العالم في السنوات الأخيرة. وفي مجتمعاتنا الحديثة استخدمت الأزياء كوسيلة للتعبير عن التمرد على التقاليد والمجتمع فظهرت على سبيل المثال بعد سنة 1968 مجموعات الهيبيز في أوربا. وبعد ذلك بعدة سنوات ظهرت مجموعات اليانكس الذين كان لهم وجود قوي في التسعينيات وتميزوا بملابسهم الغريبة وتصرفاتهم الأغرب. ويبقى مفهوم الأناقة هو شغل الإنسان الشاغل في كل زمان ومكان، وتبقى الأناقة الحقيقية في البساطة وفي قدرة الإنسان على حسن اختيار الزي الذي يلائمه.
|
|
| تاريخ المساهمة الأحد أكتوبر 28, 2012 5:47 am | |
كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ .. وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ .. دائما متميز في الانتقاء سلمت يالغالي على روعه طرحك نترقب المزيد من جديدك الرائع دمت ودام لنا روعه مواضيعك
|
|